الصراع جزء طبيعي وصحي من العلاقات الإنسانية. فلا يمكن توقع أن يتفق الناس جميعًا على كل شيء طوال الوقت. في أعماق البشر تكمن الدوافع الخفية والعواطف غير المعلنة، لذلك؛ ففي كثير من الأحيان لا يتواصل الناس بشكل فعال، وتصبح النوايا مبهمة وغير واضحة. إذ أن لكل شخص شخصية وآراء مختلفة، كما يمكن أن يؤدي الغرور إلى منافسة غير صحية.

ونظرًا لأن تضارب العلاقات أمر لا مفر منه، فإن تعلم التعامل مع الاختلاف بطريقة صحية أمر شديد الأهمية، لأننا عندما نسيء إدارة النزاع، فمن الممكن أن نلحق الضرر بالعلاقة. ولكن عندما نتعامل مع هذا الخلاف بطريقة محترمة وإيجابية، بتحول الصراع إلى فرصة للنمو، الأمر الذي يعزز في النهاية روابط التواصل ويوطد العلاقة.
فيما يلي بعض الأسباب الرئيسية للصراع:
- تفاوت قيم
- ضعف التواصل
- تعارض المصالح
- ضعف القيادة
- تعارض الشخصيات
- مشاكل شخصية
- إدارة التغيير
- مستويات عالية من الإجهاد
ومن المهم أن نتعامل مع قضايا الصراع في أقرب وقت عقب نشوء الخلاف، ودون أي تأجيل، لأننا إذا حاولنا التغاضي عن الأمر وتجاهلنا الاستياء المتراكم بسببه، عادة ما تكون نتيجة سلبية. حيث يخلق ذلك سلوكًا عصبيًا وبيئة سلبية لها تأثير ضار على روح الفريق ككل، إذ تتأثر الإيجابية بالسلب، ونتيجة لذلك؛ تقل جودة التعاون لدى الفريق، وينخفض الأداء.
ولحسن الحظ، توجد طريقة لإدارة الصراع الحتمي والتخفيف من الأضرار الناتجة عنه. ومع القليل من الممارسة؛ يمكن للمديرين والقادة أن يقطعوا شوطا طويلاً نحو حل النزاعات من خلال مراقبة الممارسات التالية:
١. قوة الاستماع
الاستماع هو العامل الأول الذي نبدأ منه، ويمكن لمعظمنا أن يتحسن فيه من خلال تعزيز قدرات الاستماع لديه. من المؤكد أن جميع الأطراف المشاركة في النزاع لديها نسختها الخاصة من الموضوع المسبب للخلاف، لذلك يجب أن يُعطى الجميع فرصة التعبير عن الرأي ويتم الاستماع لهم بذات القدر من الاهتمام، وبمجرد منح اهتمام متساوٍ لجميع جوانب القصة، يصبح الفهم الأفضل لطبيعة الصراع واضحًا، ويكون حل الأمر بطريقة ترضي الجميع أسهل كثيرًا في اكتشافه.
٢. إنشاء أرضية مشتركة
قبل البدء في البحث عن حلول، يُنصح بترتيب اجتماع في مكان محايد لجمع جميع الأطراف المتنازعة. بهذه الطريقة سيحصل كل منهم على فرصة للاستماع إلى الطرف الآخر ويكون قادرًا على التعبير عن موقفه، حيث سيساعد ذلك في تسريع إيجاد الحل الكفيل بإرضاء جميع المعنيين، كما سيساعد على توضيح أي سوء تفاهم محتمل قد يسبب الصراع في المقام الأول.
٣. الاتصالات أمر حاسم
العمل على تقوية مهارات الاتصال واستخدام الشفافية والمكاشفة في هذا الاتصال سوف يجنبنا الكثير من سوء الفهم. بمجرد حدوث الخلاف، من المهم الكشف عن الأفعال والكلمات والمشاعر والدوافع والتأثيرات الأساسية المؤثرة فيه. فعندما ندرس الصراع، قد نخلص إلى عدم وجود أي سوء فهم، بقدر ما يكون الأمر ناتجًا عن مجرد نقص في التواصل!
٤. عدم اتخاذ أي جانب على حساب جانب آخر
أن تكون محايدًا، وأن تظل محايدًا هو أفضل شيء يمكن القيام به أثناء النزاعات. إن أسوأ شيء يمكن فعله هو أن تبدو وكأنك تفهم منظور أحد الجانبين أكثر من الآخر. يمكن أن يؤدي ذلك التحيز إلى شعور الجانب الآخر بالاستياء، لذلك يجب أن تظل محايدًا لتجنب تفاقم الموقف قبل إعلان وجهة نظرك، من المهم سماع جانبي القصة حتى يشعر الجميع أنهم عوملوا بشكل عادل.
٥. الحل الأقرب هو الأفضل
يعتقد بعض الناس أن تجاهل قضية ما قد يكون كفيلاً بحلها! ومع ذلك، سوف يؤدي هذا التجاهل إلى نتائج عكسية في نهاية المطاف وربما يؤدي إلى تفاقم الوضع، فالصراعات لا تختفي بطريقة سحرية! وحتى أكثر النزاعات تفاهة يمكن أن يتحول إلى شيء فوضوي ومعقد إذا تم تجاهله. اعمل على حل المشاكل بسرعة لأن ذلك سيوفر الوقت والمال والمجهود. من المهم جدًا تعزيز شعور الموظفين بالرضا والسعادة، وخلق بيئة عمل إيجابية، إذ يؤدي ذلك إلى تطور الأداء وانخفاض معدل دوران الموظفين.
٦. أهمية فريق العمل
يجب تذكير الناس باستمرار بأن ما يمكنهم تحقيقه معًا (كفريق) أكبر بكثير مما يمكنهم تحقيقه كأفراد. يجب أن يكونوا على دراية تامة بما يعنيه العمل بشكل تعاوني في فريق واحد، ومدى أهمية أن يعمل الجميع بتناغم سعيًا إلى الوصول لنفس الأهداف. غالبًا ما يكون اختلاف الاحتياجات والآراء من مسببات النزاعات، لذلك؛ فمن المهم أن تجعل الأفراد يفهمون أن الحفاظ على العلاقات بينهم، وتقويتها، يأتي كأولوية أولى، بدلاً من محاولة فرض الرأس والانتصار للرأي الخاص. عندما يتم دراسة تضارب الآراء والأولويات بين الأفراد في بيئة من التفاهم والاحترام، تفتح أمامنا المسارات لخلق أفكار تكفل حل المشكلات وتحسن العلاقات، مما سيؤدي إلى نمو الثقة المتبادلة بين الأفراد.
يستمتع البشر بشكل أساسي بالتعاون، وقليل من الناس يحبون التوتر الذي يأتي بشكل طبيعي مع الصراع. لذلك؛ فمن المهم للغاية تقييم التنوع وعدم الخوف من حدوث الخلافات. إن تعلم مشاركة الآراء المتنوعة سيعزز روح الفريق ويؤدي إلى نجاح المجموعة ككل. إن الفرق ذات الأداء المتميز هي المحركات التي تقود المنظمات الناجحة، ويمكن أن تأتي نحصل على نتائج إيجابية ملحوظة ومؤثرة من خلال حل النزاعات بشكل سليم. حيث يمكّن ذلك الأفراد من تقدير التنوع، ويساعدهم على النمو والتطور من خلال الخروج من دوائر الراحة المعروفة مسبقًا (comfort zones).